"الزين
اللي فيك" و "الزيرو"
كادر واحد و الصورة
مختلفة
بحثت عن فيلم الزين
اللي فيك بعد الضجة التي أثارها والتي وصلت إلى أروقة المحاكم. كثيرون هم الذين
سبوا و شتموا و لعنوا و لأني أعرف حقيقة مجتمعاتنا العربية و معاناتها مع عقدة
الجسد وكل ما يتعلق ب"الشرف"، قررت أن لا أصدر أحكاما عليه حتى أشاهده
بنفسي، في البداية تجاهلته معتمدة على حكم قبلي يتعلق بالأفلام المغربية بالمجمل
كثير منها يفتقد إلى الإبداع، المحتشم منها و الخليع على حد سواء، قد يكون هذا
مجرد انطباع بعد مشاهدة بعض الأفلام التي هي من نفس النوع. مر وقت طويل و أنا أسمع
فقط حتى صار ذاك الضجيج يخفت يوما بعد يوم
إلى أن عاد و طفى على السطح على الأقل بيني و بين صديقاتي بعد أن قرأنا على صفحة
الفيسبوك خبر تسلم أبيضار لجائزة من مهرجان فرنسي، و شاهدناه بالفيديو، بدا
الاستغراب على وجه صديقتيْ وبدأت تعليقات الاستغراب و الاندهاش، عرفت أنهما شاهدا
الفيلم و استمعت إلى رأيهما الذي أثق فيه إلى حد كبير، فهما ليسا ممن يتنكرون في
لباس التقوى و يرمون بالفتاوى يمينا و شمالا، كان نقدهما للفيلم نقدا فنيا بحت بعد
أن غضا الطرف على لغته و مشاهده "الجريئة".
حينها قررت أن
أشاهده و أن أحكم عليه بنفسي، وجدت الفيديو على اليوتيوب و عليه عنوان" فيلم
الزين اللي فيك كاملا"، ظهر أمامي مشهد قبل أن يبدأ جينيريك الفيلم بالنزول،
أعجبت بالمشهد كثيرا و استغربت فالبداية تبشر بالخير، أ يعقل أنه إطار الفيلم
جعلهم يغفلون عن مستواه الفني، راودني الشك فقررت أن أسأل، أملت حاسوبي باتجاه
صديقتي الجالستان إلى جانبي و في يد كل منهما حاسوبها الخاص و قلت:
(هذا هو فيلم الزين
اللي فيك؟) – (لا، هذا الزيرو)
قبل أن تكمل عبارتها
ظهر أمامي على الشاشة عنوان الفيلم بخطه الأحمر zéroالكبير و بأحرف
فرنسية
(- لا أنا باغة
نتفرج في الزين اللي فيك)
بعد برهة قالت
إحداهما : (- كون غير خليناك حتى كملتيه و قلناها ليك راه أحسن من الزين اللي فيك)
فكانت الاجابة: (- مازال كنتفرج فيه ما حيدتوش)
نعم لم أستطع أن
أعود أدراجي و أكمل مسيري نحو ما كنت بصدد البحث عنه، رغم أن ما شاهدته من الفيلم
لم يكن سوى مشهد واحد لا غير
فيلم
"الزيرو" كان يحتوي على ألفاظ خارجة أقل ما توصف به أنها بديئة، عبارات
و مشاهد خادشة للحياء فلماذا أعجبني ياترى؟
بل السؤال الأولى
بالطرح هو هذا ما الفرق بين الزيرو و الزين اللي فيك؟
نفس الكلام البذيء و
الألفاظ الخارجة و نفس المشاهد المثيرة فهاهو سعيد باي يظهر عاريا تماما في الفيلم
نفس الموضوع فالزيرو أيضا يتحدث عن العاهرات ، أ لأن الزين اللي فيك أكثر حدة و
فظاظة؟ ربما؟
بعد أن أنهيت فيلم
الزيرو و تبنيت نفس رأي و موقف صديقتي بخصوص الفيلم، عدت لأبحث عن الزين اللي فيك،
و جدتها فرصة جيدة لأقارن بين فيلمين لهما نفس "الكادر" و رأيت في ذلك
صدفة خير من ألف ميعاد.
لم أجده على
اليوتيوب رغم العناوين المضللة كل ما فتحت رابطا لا أجد سوى فيلم الزيرو فقررت
البحث في مكان آخر. و أخيرا وجدته لكن مقسما لأجزاء، لا بأس، قلت لنفسي المهم أني
وجدته و أن جميع الأجزاء موجودة.
لكن بعكس الفيلم
الأول الذي وقعت في غرامه من المشهد الأول، فالفيلم الآخر كرهته من المشهد الأول،
و مثلما لم أستطع أن أدع الزيرو حتى أنهيه، بالكاد استطعت أن أنهي الجزء الأول من
فيلم الزين اللي فيك. المسألة إذا ليست مسألة ألفاظ و كلمات فكلا الفيلمين غرفا من
نفس القاموس اللغوي، ماذا إذن؟ ما الفرق بين الزيرو و الزين اللي فيك حتى أصدر
عليهما حكمين مختلفين؟
ببساطة شديدة الزيرو
فيلم سينمائي يحتوي على جميع مقومات الفيلم السينمائي من قصة، حوار، تمثيل، سياق
درامي، موضوع متكامل يتوفر على قصة درامية ( مقدمة، عرض، عقدة، حل)
أما الزين اللي فيك
فهو أشبه بما يسمى ببرامج الواقع، كأن ترافق كاميرا مجموعة من العاهرات لترصد
حياتهم اليومية، تماما كما يحصل في البرنامج الغنائي "ستار أكاديمي" لا
توجد قصة، لا موضوع، لا تمثيل و بالتالي لا يوجد لدينا فيلم.
حين تكون المشاهد و
الألفاظ "الجريئة" مجرد وسيلة
لإيصال فكرة ما و التعبير عن موقف ما، فلا بأس، بوسعنا أن نقول أن السياق الدرامي
للأحداث و للقصة يتطلب ذلك، لكن حين تصير الألفاظ و المشاهد الجنسية هي الهذف في حد
ذاتها فحينها نكون بصدد فيلم إباحي و ليس فيلم سينمائي.
بعيدا عن مقارنات
بأفلام هوليودية أو غربية تختلف مجتمعاتها كثيرا عنا قلبا وقالبا، بالنظر فقط إلى
أفلام المشارقة كأفلام المخرج المصري خالد يوسف الذي تثار حوله نفس الانتقاذات و
المؤاخذات بخصوص الجرأة في أفلامه لكن حين تكون أمام فيلم خالد يوسف تجد نفسك أمام
سيناريو قوي و حبكة درامية و رؤية إخراجية مميزة و الأهم تجد رسالة مبعوثة للمتلقي
رسالة تنقل وجهة نظر معينة حتى على التفزيون حين قدم الإعلامي الساخر الشهير باسم
يوسف برنامجه "البرنامج"، و ظف في أطروحته الألفاظ الخارجة و الإيحاءات
الجنسية التي تكون في بعض الأحيان فظة جدا، لكن لأنها لم تكون الهذف في حد ذاتها و
إنما كانت مجرد وسيلة لتقديم العرض لم يلقي لها كثير من متابعي البرنامج بالا، لأن
المحتوى كان أهم و أعمق و غطى على أي شيء هامشي حتى إن كان يعتبر بذيئا
بينما نبيل عيوش فشل
حتى في أن يثير التعاطف مع شخصيات فيلمه، كيف نشفق على من هم أنفسهم لا يشفقون على
أنفسهم.
أين هي تلك المعاناة
في حياة العاهرات؟ أين ذلك الندم و تأنيب الضمير؟ و أين تلك الرغبة في الخلاص الذي
توجد في أعماق كل عاهرة و على الأقل معظمهن؟ كل عاهرة تحلم بالزوج و الأولاد و
الاستقرار و مستعدة لتتخلى عن حياتها فورا إذ ما قدمت لها فرصة لحياة كريمة. كل هذه
الجوانب لا يوجد منها شيء في فيلم الزين اللي فيك فما كان هدفهم من فيلم كهذا يا
ترى؟ فيلم لا يستطيع أن يثير في نفسك إلا كل شعور بالاشمئزاز و القرف.
في حكمي على الأعمال
الفنية و الابداعية لا ألقي بالا إلى "كادر" (إيطار) الصورة، لا يهم إن
كان الإيطار جميلا أو بذيئا المهم هو ما يوجد داخل الإطار، المهم هو الصورة لا
إطارها. لذلك كان إيطار الزين اللي فيك و الزيرو واحدا لكن الصورة بداخلهما مختلفة
جدا.
ro2ya 3ami9a wa ta7lil fi ma7alih, tahiyati
ردحذف